Thursday, September 11, 2008

طاغيا باغيا


لم يكن شيئا ثم ارتقى الى ان اصبح شيئا مذكورا . وقد سلك فى تصعيده من الحضيض الى القمة طريقا وعره ملتوية ،
يغمرها ضوء الشمس المشرقة المحرقة احيانا، وتنظر اليها الشمس من وراء نقاب من السحاب احيانا اخرى، ويحجبها ظلام قاتم فاحم فى كثير من اجزائها . فلما ارتقى الى القمة واطمأن فى مكانه منها، نسى ماضيه كله، واعرض عن مستقبله كله ،وعاش ليومه الذى هو فيه.ـ
نسى الماضى، فلم يتعظ ، وأعرض عن المستقبل، فلم يتحفظ، ومضى مع هواه طاغيا باغيا ، حتى اخاف الناس من نفسه ، واخاف نفسه من الناس ، فلم يأمن الى احد ، ولم يأمن اليه احد. واذا هو مضطر لاظهار
الحب لقوم يبغضهم اشد البغض، واذا الناس من حوله مضطرون لأن يظهروا له حبا متهالكا، ويضمروا له بغضا مهلكا، واذا الاسباب بينه وبين الناس ترث، حتى ان ايسر الامر لينتهى بها الى الانقطاع.ـ
من كتاب جنة الشوك لطه حسين بس من غير الصورة

No comments: