Thursday, November 25, 2010

جدلية الكنيسة والدولة و زمن الغباوة


هل جربت يوما قراءة التعليقات في موقع رياضي على موضوع يخص الأهلي والزمالك سوف تفاجأ بكم غريب من السفه في التعليقات لعل اكثرها بروزا اتهام الاهلوية بالكفر لقولهم الأهلي فوق الجميع واتهام الزملكوية بالحقد الذى ادى بناديهم لهذه الحالة المزرية لكن لا داعي للعجب فنحن حقا في زمن الغباوة 

والغباوة المقصوده هنا هي احادية التفكير بمعنى ان كل طائفة ترى في نفسها كل المميزات وترى في الطوائف الاخرى كل العيوب والنواقص نظرا لاختلافها عنها وهو ما يؤدي لتكوين جيتوهات متعدده داخل المجتمع من بين هذه الجيتوهات تكونت جيتوهات دينية ياتى على راسها الطائفة الارثوذوكسية التى تحولت لأكبر جيتو داخل مصر ويليه بعض التكتلات الدينية الاسلامية مثل الجماعات السلفية والاخوان المسلمين واتباع عمرو خالد بالاضافة الى الجماعات الصوفية المختلفه 

يتميز الجيتو الارثوذوكسي بوجود هيكل هرمي على راسه له قدسية الرمز والقدرة على الوصول  للاحاد  والاسوأ من ذلك ان الهيكل الهرمي المتمثل في القيادة الكنسية قرر ان يقوم برعاية مواطنيه بدلا من الدولة نظرا لضعف الدولة وعدم ثقة كل المواطنين فيها مسلمين ومسيحيين وقد صرح بهذا البابا شنوده نفسه حين قال ان مهمة الكنيسة رعاية المسيحيين روحيا واجتماعيا وسياسيا كذلك وهو ما ادى بعد ذلك لوجود كيانين يتنازعان الاختصاصات فيما يتعلق بالشأن المسيحي الدولة من جهة يدعمها في ذلك الشرعية وقوات الشرطة والجيش ان لزم الامر ومن الجهة الاخرى الكنيسة يدعمها ثقة الشعب الارثوذوكسي

بدأ التنازع في عهد الرئيس السادات واخذ السادات تصرف حاسم بالاطاحة براس النظام الكنسي البابا شنوده ونفيه وعزله بعدها تم اغتيال الرئيس السادات في حادث المنصة الشهير والذي اعتبره الأقباط معجزة لتأييد البابا شنوده وخلف السادات مبارك الذى ورث مجموعة من العلاقات الشائكة تركها له سلفه فحاول الرجل ان ينهى المشكلات دون ان يفكر في حلها فقرر ارضاء المسيحيين باعادة البطريرك المعزول الى رأس الكنيسة دون ادنى محاولة لفهم الخلاف القديم ومع الركود السائد بطول عهد الرئيس مبارك المديد ظلت الكنيسة تلعب دورها في الرعاية الاجتماعية للمسيحيين والذى تجلى في تدخل القساوسة بشكل كبير في تنظيم الزيجات بداية من الاختيار وحتى فض المنازعات بين الازواج وتنظيم الرحلات والدروس الخصوصية داخل الكنيسة انتهاء بمحاولةتسهيل الهجرة لمن يرغب

الرعاية الكنسية المبالغ فيها فصلت المسيحيين شيئا فشيئا عن باقي المجتمع فكريا وادت الى انطوائهم داخل محيطهم الجغرافي الامر الذي ادى فيما بعد لإعتبار المسيحيين كيان واحد يدعى النصارى كل النصارى وليس هذا الشخص او ذاك نظرا لاتحادهم جميعا في جسد واحد لا نستطيع تمييز الاحاد فيه مما ادى ان اى خلاف بين مسلم ومسيحي هو خلاف بين هذا المسلم وكل المسيحيين فيهب المسلمين جميعا لنجدة اخيهم المسلم - ابن القبيلة - من النزاع مع القبيلة الاخرى بمفرده

النزاعات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين وضعت اقباط مصر في وضع مميز في الاعلام الغربي وهو ما ادى الى زيادة التبرعات الواردة من المنظمات المسيحية في كل انحاء العالم واظن وبعض الظن ليس اثما ان الادارة الكنسية قد اعتبرت تدفق التبرعات من المعجزات التى يرسلها لهم الرب ليثبتهم

 بعد كل حادثة طائفية تبدو الكنيسة غاضبة ثائرة وقد يمتنع البابا شنوده عن العظة لاسبوع او يخرج رجل دين مسيحي يتحدث بمرارة عن معاناة الاقباط في بلدهم بعدها نجد الكنيسة تهدئ الامور واول من يطالب بانهاء التحقيقات وهو ما يجد تفسير معد مسبقا عند جموع الشعب هو ضغط الدولة على الكنيسة وهو تفسير ساذج لكنه مرضي للشعب الواثق في قيادته الحكيمة 

رغم ركود النظام المصري الا ان العالم من حوله ليس راكدا هاهي امريكا تهبط عل ارض النفط للمرة الثانية بحجة محاربة الارهاب الاسلامي وهو ما يجعل امريكا لها عدد من المصالح متعلقة بالحكومة المصرية القريبة من موقع الحدث وهي مصالح اعلامية وعسكرية واقتصادية  وفي كل الحالات يكون الجانب الخاسر فيها هو النظام المصري لهذا تسعى امريكا لامتلاك اكبر عدد ممكن من ورق الضغط تستعمله لاقتناص مصالحها ومصالح ربيبتها اسرائيل من فم النظام المصري وكان من ضمن هذه الاوراق الورقة القبطية 

ذكرت الادارة الامريكية حقوق الاقباط في عدد كبير من المناسبات مما اعطى الاقاط الشعور بان لهم ظهرا فبدأت الكنيسة تستقوي على الدولة في كل ما يخص شئون المسيحيين وقد ظهر هذا جليا عند رفض البابا شنوده حكم المحكمة باعطاء تصريح زواج ثانى لاحد المواطنين دون حتى محاولة لابداء اسبابه وكذلك في محاولات متعدده لبناء كنائس دون تراخيص واشياء اخرى كثيره 

النظام المصري القمعي بطبيعته لا يستطيع التعامل مع الكنيسة بنفس وحشيته المعتاده لأن هذا سيعرضه لمقايضات باهظة الثمن ربما لا يستطيع تحملها لهذا فقد قرر التعامل بمنطق مختلف وهو لا يخرج عن امرين 

اثارة الأهالى للقيام باعمال عنف ضد المسيحيين 
او الاستعانه ببلطجية يقومون باعمال العنف بدلا عن الاهالى 

ثم تنزل قوات الامن في الوقت المناسب لتظهر كمخلص ينقذ المسيحيين من براثن الوحوش المفترسه مما يحقق فيما بعد المعجزة المتكرره بزيادة التبرعات للكنيسة المنكوبة ويبقى للنظام اليد العليا ويظهر امام امريكا والعالم الغربي كالضامن الوحيد لابتعاد البعبع الاسلامي عن الحكم في مصر 

2 comments:

واحد said...

أصبت كبد الحقيق واكمالا لكلامك فإن الكنيسة ورجالاها عندما اقحمو انفسهم في السياسة والاعيبها التي لايجيدونها والغير مؤهلين لها ضرو وأضرو وضلو وأضلو جموع الاقباط وهذا الكلام ليس من عند نفسي ,إنه كلام عقلاء الأقباط في مصر أمثال جمال أسعد و حنين عبدالمسيح.

Ramez Nashat said...

مدونة رائعة جدا هاتابعها بس انت كمل (:

http://diariesoffrustratedguy.blogspot.com/